يا نفس .. عجبًا لكِ !! تريدين الراحة في دارٍ لا راحة فيها، وتريدين أن تتمتعي بالدنيا
وتعلمين أنها فانية.. تريدين اللذة والمتعة العاجلة ولا تنظرين إلى عواقب الأمور
يا نفس ، لماذا تحاولين أن تظهري أمام الناس بمظهر التقي النقي العفيف،
وإذا جن الظلام وذهب الناس إلى مضاجعهم إذا بكِ تتجرئين على الله وتعصينه وكأنه لا يراكِ؟ !
سبحان الله !!
أجعلتِ الله أهون الناظرين إليكِ؟ !
إلى متى يا نفسي هذا التمادي وأنت تعلمين المصير والمآل؟!
ما هذا الكسل وهذا الجبن؟ ما هذا الفتور الذي تعيشينه؟
إنه لا يخفى عليك الأجر العظيم للطائفين الذاكرين الساجدين الصائمين المنفقين
المستغفرين بالأسحار، ومع ذلك كله سيطر عليك الشيطان وقيد همتك
يا نفس .. أبدلاً من أن تناجي ربك، وتقفي بين يديه إذا بكِ تخلعين ثوب الإيمان، فإذا قابلت الناس لبستيه؟ !
إن الناس لن يغنوا عنكِ من الله شيئًا..
فكري في الأمر يا نفسُ، واجعلي باطنك مثل ظاهرك، ورددي دائمًا: الله ناظري، الله شاهدي، الله مطلع عليَّ
يا نفسُ .. ما لكِ تتكالبين على الدنيا وكأنكِ أمنتِ لها؟ !
أما تذكرتِ أحوال الماضين الذين وهبوا حياتهم للدنيا وجعلوها أكبر همهم، حتى إذا اطمئنوا
إليها إذا بها تصرعهم وتقلب نعيمهم جحيمًا؟!
}... فعندها ما موقفكِ يا نفس؟
آه يا نفسي .. تزعمين أنك تريدين الجنة ولم تعملي لها، وتدَّعين أنك تخافين من النار ولم تهربي منها !!
ترجين أنك في ركب الصالحين ولست منهم تتلذذين في مناجاة الله في الأحلام فقط
تضعين لك برنامجاً للصعود إلى الكرام البررة في الأحلام فقط أيضاً، وتسعدين
بهذه الأحلام وأنت جالسة راكنة إلى هواك، قيدك الشيطان بذنوبك
يا نفس .. ألم تعلمي أنك أنت التي ستُنعَّمين إن دخلتِ الجنة، وأنت أيضًا التي ستُعذبين إن دخلتِ النار؟ !
فلماذا يا نفسُ
كلما حاولتُ أن أحملكِ على الطاعة إذا بكِ تتكاسلين وتروغين
مني وتدَّعين التعب والمشقة، وإذا رأيتِ معصيةً تهرولين إليها؟ !
يا نفسُ، اصدقيني القول..
ماذا تريدين؟
السعادة أم الشقاء؟
النعيم أم العذاب؟
ربما قد غرتك رحمة الله والواسعة فلا تتصورين أنك ستقذفين في تلك النار،
ألم تعلمي يا نفسي أن الله ذو مغفرة واسعة وذو عذاب شديد؟!
أقسم لكِ يا نفس أنه لا نعيمَ ولا سعادةَ إلا في طاعة الله،
ولا عذاب ولا شقاء إلا في معصيته،
فهلا تطاوعينني يا نفس
هلمي هلمي قبل فوات الأوان، هلمي هلمي يا نفسي
إني لكِ ناصح وإني عليكِ خائف وجل
افيقى يا نفس !!
افيقى