السلام عليكم ورحمة الله
سألت صيادا هل أنت سعيد ؟ قال نعم لأن السعادة سعادة النفس وليست سعادة المال وإلا كنت أشقى الناس لأني أفقر الناس ، فأنا لا أرى في رثاثة ملبسي ولا في خشونة عيشي ما يولد لي ألما أو يسبب لي هما ، وعن المطاعم فأنا لا أذكر أني بت ليلة في حياتي جائعا ، وكوخي الصغير لا أشعر أنه يضيق بي وبزوجتي وولدي ، وإن كان لابد من إمتاع النظر بالمناظر الجميلة فحسبي أن أحمل شبكتي على عاتقي كل مطلع فجر وأذهب بها إلى شاطئ النهر فأرى منظر السماء والماء ، والأشعة البيضاء ، والمروج الخضراء ، ولا أزال هائما في أحلامي حتى أشعر بجذبة قوية في يدي ، فأنتبه فإذا السمك في الشبكة يضطرب .
فإذا أخذت من السمك كفاف يومي عدت به وبعته في الأسواق ثم عدت إلى بيتي فيعتنقني ولدي وتبش في وجهي زوجتي ، فإذا قضيت بالسعي حق عيالي وبالصلاة حق ربي نمت في فراشي نومة هادئة لا أحتاج معها إلى حرير وديباج ، فهل أستطيع أن أعد نفسي شقيا وأنا أروح الناس بالا وإن كنت أقلهم مالا ؟
لا فرق بيني وبين الغني إلا أن الناس لاينهضون إجلالا لي ولا يمدون أعناقهم نحوي إذا مررت بهم وأهون به من فرق لا قيمة له عندي ، والغني لايتحرك من منزله إلا إذا وقف أمام المرآة ساعة وإذا خرج إلى الناس لايطلق لجسمه حرية الحركة والالتفات أو حرية النظر والاعتبار بمشاهدة الكون وآياته .
آمنت بالقضاء والقدر خيره وشره وباليوم الآخر ثوابه وعقابه ، فصغرت الدنيا في عيني وصغر شأنها عندي حتى ما أفرح بخيرها ولا أحزن لشرها ، إن أكثر ما يصيب الإنسان من شقوة إنما يأتي من طريق الأخلاق الباطنة لا من طريق الوقائع الظاهرة ، فالحاسد يتألم كلما وقع نظره على محسوده ، والحقود يتألم كلما تذكر أنه عاجز عن الانتقام من عدوه ، والطماع يتألم كلما ناجته بالإثم سريرته .....
فمن أراد أن يطلب السعادة فليطلبها بين جوانب النفس الفاضلة ، وإلا فهو أشقى العالمين .
هذه قصة قرأتها وأعجبت بما تحمل من معاني ولذلك نقلتها لكم بعد أن قمت باختصارها .